بنيات تحتية، إنجازات، ورهانات كبرى.. ملامح السياسة الرياضية في المغرب الحديث

 بنيات تحتية، إنجازات، ورهانات كبرى.. ملامح السياسة الرياضية في المغرب الحديث
آخر ساعة
السبت 2 أغسطس 2025 - 11:59

تُجسد الرؤية الملكية للرياضة في المغرب مشروعاً استراتيجياً متكاملاً يرمي إلى جعل الرياضة رافعة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية، ورمزاً من رموز إشعاع المملكة على المستوى الدولي.

وقد برزت هذه الرؤية بوضوح، مرة أخرى، بمناسبة تخليد الذكرى 26 لعيد العرش، حيث كانت الرياضة حاضرة بقوة ضمن التقدير الملكي والرعاية التي يُحيط بها الملك هذا المجال الحيوي.

تكريم ملكي للرياضة

كما جرت العادة، حملت الاحتفالات الرسمية لعيد العرش هذه السنة بصمة العناية الملكية، إذ استقبل الملك شخصيات بارزة ساهمت في إشعاع المغرب، من بينها رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، جياني إنفانتينو، والمنتخب الوطني النسوي، وصيف بطل إفريقيا خلال البطولة التي نُظمت بالمغرب.

ويعكس هذا الاستقبال الرمزي عمق التقدير الملكي للجهود التي يبذلها الرياضيون، رجالاً ونساءً، وحرصه على تشجيع الإنجاز والمثابرة، وهو نفس المسار الذي اختطه ملوك المغرب السابقون، بدءًا من الملك الراحل محمد الخامس، الذي استقبل أول بطل مغربي أولمبي، عبد السلام الراضي، مروراً بالملك الراحل الحسن الثاني الذي خلد لحظات رياضية خالدة كاستقباله لسعيد عويطة ونوال المتوكل سنة 1984، والمنتخب الوطني لكرة القدم سنة 1986.

لقد بات واضحاً أن الملك يُراهن على الرياضة كقوة ناعمة تعزز صورة المغرب دولياً، وهذا ما أكده شخصياً رئيس الفيفا جياني إنفانتينو خلال زيارته الأخيرة، مشيداً بالبنيات التحتية المغربية وبدعم الملك غير المحدود لكرة القدم.

وتُوج هذا المسار بإعلان تنظيم كأس العالم 2030 مناصفة بين المغرب وإسبانيا والبرتغال، وهو المشروع الذي وصفه الملك بأنه "ترسيخ للربط بين إفريقيا وأوروبا، وبين الشمال والجنوب"، ومثال على التحالف بين الإبداع والخبرة والإرادة السياسية.

مشاريع بنيوية وتألق عالمي

تترجم هذه الرؤية الملكية من خلال عدد من المشاريع الكبرى التي تشهدها البلاد، ومن أبرزها المصادقة على المخطط الوطني للسكك الحديدية بغلاف مالي يقارب 96 مليار درهم، لربط 87% من السكان بشبكة القطارات بحلول 2040، وكذا تدشين ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط بطاقة استيعابية تفوق 68 ألف متفرج، كأحد الملاعب الرئيسية لاحتضان "كان 2025"، إضافة إلى تأهيل شامل لـملعب محمد الخامس بالدار البيضاء ليتماشى مع معايير "الفيفا" استعداداً لـ"مونديال 2030".

كما سيكون ملعب الحسن الثاني، أكبر ملاعب العالم، جاهزاً بحلول سنة 2030، لاحتضان منافسات المونديال.

ومن بين أكبر الأوراش التي شهدها المغرب في العقدين الأخيرين نجد إنشاء مركب محمد السادس لكرة القدم بالمعمورة، بتكلفة تفوق 600 مليون درهم، ويُعد من بين أفضل المراكز عالمياً، وكذا تأهيل أو بناء أكثر من 1800 منشأة رياضية منذ سنة 2000، إضافة إلى تنظيم تظاهرات رياضية كبرى.

وقد أكدت الرياضة المغربية حضورها القوي قارياً ودولياً، سواء من خلال النتائج أو تنظيم التظاهرات، فقد حقق المغرب أرقاماً قياسية في ملتقى محمد السادس لألعاب القوى في سباقي 800م و1500م، كما واصل المنتخب النسوي تألقه بوصوله إلى نهائي كأس إفريقيا، إضافة إلى الإنجار التاريخي في مونديال قطر.

وعلى مستوى الرياضة المدرسية، يشارك أكثر من 5 ملايين تلميذ سنوياً في الأنشطة الرياضية، في إطار استراتيجية تهدف إلى تعميم الممارسة الرياضية وتكوين جيل جديد من الأبطال.

منذ اعتلائه عرش المملكة، جعل الملك محمد السادس من الرياضة أولوية وطنية، وتُجسد هذه الرؤية الشاملة والطموحة قناعة ملكية راسخة بأن الرياضة ليست فقط وسيلة للتسلية، بل أداة فعالة لتعزيز التماسك الاجتماعي، وتحفيز التنمية، وتأكيد مكانة المغرب كبلد حديث وطموح.

إنها رؤية تستشرف المستقبل، وتُكرّس، في كل مرحلة، ارتباط الملك بشعبه، وحرصه على تأمين شروط الرفعة والنجاح لمواطنيه.